في أحد المراكز التجارية بدبي، تفاجأت سيدة باختفاء حقيبتها اليدوية من عربة التسوق أثناء انشغالها بمكالمة هاتفية. وبعد دقائق، ألقت الشرطة القبض على شخص حاول مغادرة المكان مسرعًا وبحوزته الحقيبة.
هذه الواقعة البسيطة تلخّص جوهر جريمة السرقة كما عرّفها القانون الجنائي الإماراتي، والتي تُعد من أبسط صور الاستيلاء غير المشروع على مال مملوك للغير دون رضاه وبنية التملك الدائم.
يهدف هذا المقال إلى شرح تعريف جريمة السرقة في القانون الإماراتي، واستعراض أركانها القانونية، وأبرز أمثلتها الواقعية، إلى جانب توضيح العقوبات المقررة، وآلية محاكمة المتهمين، مع بيان أهمية استشارة محامي مختص في القضايا الجنائية لحماية الحقوق وتقديم الدفاع القانوني المناسب.
تواصل مع أفضل مكاتب محاماة في دبي عبر أرقامنا في صفحة اتصل بنا.
جدول المحتويات
تعريف جريمة السرقة في القانون الإماراتي
تعريف جريمة السرقة في القانون الإماراتي هي من جرائم الاعتداء على المال، وتُعتبر من أبسط صور الاستيلاء غير المشروع. ويقوم بها الجاني بنية التملك دون حق، عبر سلب مال مملوك للغير بدون رضاه، سواء باستخدام الحيلة أو العنف أو حتى في الخفاء.
والمقصود بـ”الاستيلاء” هو نزع الحيازة من المجني عليه ووضعها تحت تصرف الجاني، بما يعني حدوث نقل فعلي للحيازة دون سند قانوني.
المال الذي يصلح أن يكون محلاً للسرقة يجب أن يكون:
- منقولًا: أي يمكن تحريكه من مكانه (مثل النقود، المجوهرات، الهواتف، السيارات…).
- مملوكًا للغير: فلا تقع السرقة إذا أخذ الشخص مالاً مملوكًا له.
- ذو قيمة مالية: ولو كانت بسيطة أو رمزية.
أمثلة توضيحية من الواقع:
- شخص يقتحم سيارة متوقفة ويأخذ منها حقيبة يد: هذا يُعد سرقة.
- عامل يقوم بأخذ مبلغ من درج المحاسبة دون علم صاحب المحل: سرقة.
- شخص يأخذ هاتفًا من على طاولة في مطعم وينصرف: سرقة.
اقرأ عن الحق العام في السرقة في الإمارات: بين التنازل والمراحل والعقوبات.
أركان جريمة السرقة في القانون الإماراتي
تُعد جريمة السرقة في القانون الإماراتي من الجرائم العمدية التي تتطلب توافر ثلاثة أركان قانونية لقيامها؛ فإذا اختل أحد هذه الأركان، سقط الوصف الجنائي للجريمة أو تغير إلى تكييف آخر كالنصب أو خيانة الأمانة.
وتتمثل هذه الأركان في: الركن المادي، والركن المعنوي، وركن محل الجريمة. وفيما يلي شرحٌ مفصل لكل منها:
1. الركن المادي لجريمة السرقة: فعل الاستيلاء على المال
وهو جوهر السلوك الإجرامي، ويتحقق عبر:
- أخذ المال المنقول من حيازة المجني عليه بدون رضاه أو علمه.
- نقل الحيازة الفعلية للمال إلى الجاني أو لمن يتصرف لمصلحته.
- يتم الأخذ بأسلوب غير مشروع، وقد يكون مصحوبًا بعنف أو كسر أو خلسة.
مثال: شخص يمد يده إلى حقيبة يد بجوار امرأة في مقهى ويسحبها دون أن تلاحظ، فهذا استيلاء غير مشروع يُكوِّن ركنًا ماديًا للجريمة.
2. الركن المعنوي لجريمة السرقة: القصد الجنائي
لا تتحقق السرقة إلا إذا اقترنت بفعل الجاني نية جنائية واضحة، وتشمل:
- القصد العام: إدراك الجاني أن المال ليس له وأنه يأخذه بغير حق.
- القصد الخاص: وجود رغبة محددة في تملّك المال والتصرف فيه كما لو كان مِلكًا له.
ملاحظة: إذا انتفى القصد الجنائي، كأن يكون الجاني يظن أن المال يخصه، فقد تنتفي الجريمة رغم وقوع الفعل المادي.
3. الركن الشرعي: وجود نص قانوني يُجرِّم السرقة
لا تُعد السرقة جريمة إلا إذا كان هناك نص قانوني يُجرّم هذا الفعل صراحة. وقد نص قانون العقوبات الإماراتي على تجريم السرقة وفقًا لأحكام محددة تختلف بحسب ظروف ارتكاب الجريمة (ليلاً، بالعنف، من عدة أشخاص، إلخ).

العقوبات المقررة لجريمة السرقة في القانون الإماراتي
تُعد جريمة السرقة من أخطر الجرائم الواقعة على المال في القانون الإماراتي، لذلك أحاطها المشرّع بمجموعة من العقوبات المتفاوتة بحسب خطورتها والظروف المحيطة بها، بهدف الردع العام والخاص وحماية حقوق الملكية.
تتراوح العقوبات المقررة لجريمة السرقة بين الحبس والغرامة وقد تصل إلى السجن المؤبد، وذلك وفقًا لطبيعة الفعل الإجرامي والوسائل المستخدمة وظروف ارتكابه، كما يلي:
- السرقة البسيطة: إذا ارتُكبت دون استخدام عنف أو أساليب احتيالية أو أدوات خطيرة، تُعد جنحة وتُعاقب بالحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر أو بغرامة مالية.
- السرقة المقترنة بظروف مشددة: مثل وقوع الجريمة في أماكن مخصصة للسكن أو العبادة أو المرافق العامة، أو باستخدام الكسر أو التسلق أو استغلال صفة عامة، تُشدد العقوبة إلى الحبس الذي لا يقل عن سنة.
- السرقة ليلاً أو باستخدام سلاح: يُعد استخدام الجاني للسلاح أو ارتكابه الجريمة أثناء الليل ظرفًا مشددًا، وتُعاقب هذه الحالة بالحبس من سنتين إلى سبع سنوات.
- السرقة المقترنة بعنف أو ارتكابها من قبل أكثر من شخص: إذا تمت السرقة من قبل عصابة أو صاحب سوابق أو باستخدام وسائل عنيفة أو إرهابية، فقد تصل العقوبة إلى السجن المؤبد.
- الشروع في السرقة: إذا بدأ الجاني في تنفيذ الجريمة دون أن تكتمل لأسباب خارجة عن إرادته، يُعاقب بنصف العقوبة المقررة للجريمة التامة.
تُظهر هذه التدرجات حرص القانون الإماراتي على التناسب بين الفعل الإجرامي والعقوبة، مع تشديد خاص في حال المساس بالأمن العام أو ارتكاب الجريمة بوسائل تدل على الخطر أو التكرار.
سيفيدك الاطلاع على أهم الدفوع في قضايا السرقة بالإمارات بين الشكلية والموضوعية.
إجراءات محاكمة المتهم بجريمة السرقة في الإمارات
تخضع محاكمة المتهم بجريمة السرقة في دولة الإمارات العربية المتحدة لإجراءات دقيقة تبدأ منذ لحظة الإبلاغ عن الجريمة وحتى صدور الحكم النهائي، وذلك لضمان تحقيق العدالة وحماية حقوق كل من المجني عليه والمتهم. وفيما يلي عرض مبسّط ومتسلسل لهذه الإجراءات دون استخدام فواصل أو روابط:
- التبليغ والتحقيق الأولي: تبدأ الإجراءات بتقديم بلاغ رسمي إلى الشرطة من قبل المجني عليه أو أي شخص علم بالواقعة. تقوم الشرطة بجمع الأدلة الأولية وسماع أقوال الشهود وإعداد محضر الضبط.
- إحالة القضية إلى النيابة العامة: بعد انتهاء الشرطة من التحقيق المبدئي، تُحال القضية إلى النيابة العامة التي تتولى استجواب المتهم وتقدير مدى كفاية الأدلة. إذا رأت النيابة وجود شبهة قوية، تأمر بإحالة المتهم إلى المحكمة المختصة وتحدد التهمة رسميًا.
- المحاكمة أمام المحكمة الجزائية: تُعقد جلسات المحاكمة بحضور المتهم أو محاميه، ويُعرض خلالها ما جمع من أدلة وشهادات. يحق للمتهم الدفاع عن نفسه وتقديم دفوعه القانونية، كما يحق للمجني عليه المطالبة بالتعويض المدني ضمن ملف الدعوى الجزائية.
- إصدار الحكم: تصدر المحكمة حكمها بناءً على الوقائع والأدلة بعد المداولة، ويشمل الحكم العقوبة الجنائية، وقد يتضمن كذلك إلزام المتهم بالتعويض إذا ثبت الضرر.
- الطعن في الحكم: يحق للمتهم أو النيابة العامة الطعن في الحكم الصادر أمام محكمة الاستئناف، وإذا استمر النزاع، يمكن الطعن أمام محكمة التمييز في حدود المسائل القانونية.
- تنفيذ الحكم: بعد صدور الحكم النهائي، يُحال إلى الجهة المختصة لتنفيذه، سواء تعلق الأمر بعقوبة سالبة للحرية أو غرامة أو تعويض مدني.
تُنفذ جميع هذه الإجراءات وفقًا لقانون الإجراءات الجزائية الإماراتي وبما يكفل مبدأ المحاكمة العادلة، ويُراعى فيها التدرج القضائي وضمان حق الدفاع وشفافية الإجراءات.
سوابق قضائية في قضايا السرقة في الإمارات
لقد صدرت عدة أحكام قضائية بارزة في مجال جرائم السرقة داخل دولة الإمارات، إليك أهمها بصيغة موجزة:
- حكم غرامة وسجن بسبب سرقة هاتف من سيارة متوقفة: في إحدى القضايا، حُكم على المتهم بالسجن لمدة ثلاثة أشهر وفرضت عليه غرامة قدرها 5,000 درهم، بعد أن سرق هاتفًا من داخل سيارة موقف خلال ظروف السرقة البسيطة.
- إلغاء دعوى مدنية ضد امرأة بعد تبرئتها من تهمة السرقة: رفعت امرأة دعوى تعويض بقيمة 50,000 درهم بعد اتهامها زورًا بسرقة منزل، لكن محكمة رأس الخيمة رفضت الدعوى لعدم وجود أدلة كافية، مع تأكيد أن البلاغ المقدم كان في إطار ممارسة حق قانوني وليس بنية الإساءة.
- تحكيم المحكمة العليا بشأن الاستئناف في قضية سرقة متعددة الضحايا: في قضية سرقة أموال من أربعة ضحايا، حكمت المحكمة الجزائية بشهرين سجن و50 درهم رسوم. بعدها استؤنف الحكم وتم تأكيده من المحكمة الابتدائية والاستئناف، ولكن المحكمة الاتحادية العليا قبلت الاستئناف وسمحت بمزيد من البحث في الواقعة.
أهمية استشارة محامي في قضايا السرقة
تُعد استشارة محامٍ مختص في قضايا السرقة خطوة حاسمة يمكن أن تُحدث فرقًا جوهريًا في مسار القضية ونتيجتها، سواء كان الشخص متهمًا أو مجنيًا عليه. فالقانون الجنائي الإماراتي يتسم بالدقة والشمول، ما يجعل من الصعب على غير المتخصص فهم تعقيداته أو التعامل مع إجراءاته دون دعم قانوني محترف.
من أبرز أوجه أهمية استشارة محامٍ في قضايا السرقة ما يلي:
- تقييم الموقف القانوني بدقة: يقوم المحامي بتحليل الوقائع وتقدير ما إذا كانت الأركان القانونية لجريمة السرقة متوافرة أم لا، مما يساعد على اتخاذ القرار القانوني الأنسب في بداية الإجراءات.
- صياغة الدفاع أو الادعاء بشكل احترافي: سواء في حال الدفاع عن المتهم أو تمثيل المجني عليه، يتولى المحامي إعداد الدفوع القانونية، وتقديم الطعون أو المطالبات المدنية بطريقة تضمن أقصى حماية ممكنة للموكل.
- ضمان احترام الحقوق القانونية: يحرص المحامي على حماية حقوق موكله أثناء التحقيق أو المحاكمة، والتأكد من مشروعية الإجراءات، مثل التفتيش أو الاستجواب، وعدم المساس بالضمانات الدستورية.
- التفاوض على التسويات أو التصالح: في بعض الحالات، قد يكون التصالح أو رد المال وسيلة لتخفيف العقوبة أو إنهاء الدعوى، وهو ما يتطلب تدخل محامٍ ملمّ بالقانون وبآليات التفاوض المعتمدة.
- الطعن في الأحكام ومتابعة التنفيذ: بعد صدور الحكم، يتولى المحامي إعداد الاستئناف أو التمييز إذا كان الحكم قابلًا للطعن، ويشرف على إجراءات التنفيذ أو وقفها عند الاقتضاء.
استشارة محامٍ ليست مجرد إجراء شكلي، بل هي ضمانة فعلية للعدالة وحماية للمصالح، خصوصًا في القضايا الجنائية التي قد تترتب عليها أحكام سالبة للحرية وقيود قانونية خطيرة.
الأسئلة الشائعة حول جريمة السرقة في القانون الإماراتي
تُشكّل جريمة السرقة في القانون الإماراتي أحد أبرز الجرائم الواقعة على المال في المنظومة الجنائية لدولة الإمارات، وقد أولى المشرّع هذه الجريمة اهتمامًا خاصًا بتحديد تعريف دقيق لها، وتفصيل أركانها، وتدرّج العقوبات بحسب جسامتها وظروف ارتكابها.
للحصول على استشارة قانونية مخصّصة في قضايا السرقة، يُسعدنا خدمتك عبر زر الواتساب الموجود أسفل الشاشة، حيث يقدّم مكتب محامي في دبي المشورة الدقيقة في هذا الشأن.
تعرف على الفرق بين السرقة والاختلاس في القانون الإماراتي.
المصادر:
- قانون العقوبات الإماراتي عبر بوابة التشريعات الاتحادية.
- وزارة العدل الإماراتية.
- بوابة حكومة دولة الإمارات.

محامي ومستشار قانوني، حاصل على بكالوريوس في القانون وماجستير في القانون الدولي وشهادة في الشريعة والتحكيم.
